عدد الكميات الفيزيائية التي نتعامل معها كل يوم كثيرة جدا- لكن أكثرها شيوعا هو درجة الحرارة، القوة، والمسافة ووحدات القياس لتلك القوي (الدرجة المئوية، النيوتن، المتر على التوالي)، وعادة يتم تسمية وحدات الكميات الفيزيائية بإسم العلماء الذين اكتشفوها أو قدموا مساهمات لا مثيل لها في مجال تخصصهم. ومع كل ذلك هناك بعض الوحدات التي تجعلنا نفكر في نوع آخر من التسمية، وهي وحدة "الحصان" التي يولدها المحرك. يأتي هنا السؤال..
لماذا نستخدم مصطلح "حصان" لقياس قوة المحرك؟ في الواقع هناك قصة مثيرة جدا لتوضح لنا ذلك...
بدأ كل شيء عندما قام العالم "جيمس وات" (مبتكر عدد كبير من الاختراعات والاكتشافات) ومن أهم إختراعته المحرك البخاري. قبل أن يقدم تصميمه، كان العالم وقتها يستخدموا محرك Newcomen نسبة إلي مخترعة العالم "Newcomen"، وكان ذلك المحرك هو أول آلة تعمل بالبخار. ومع ذلك، محرك وات قد خضع إلى بعض التحسينات الفنية الأخرى، والتي أدت إلي إنتاج نفس الكمية الميكانيكية ولكن باستخدام ربع الوقود الذي يستخدمه محرك "Newcomen"! ومن بعدها أراد وات تسويق هذه الميزة العملية المثيرة التي تفوق بها علي المحرك المشهور محرك "Newcomen".
وكان تسويق هذه التقنية أمر سهل بسبب الميزة الواضحة وتفوقة علي محرك "Newcomen"، بتوفير نسبة تصل إلي 75٪ أقل من الوقود! ولكن لجأ إلي حيلة رائعة..
ولكن في ذلك الوقت كانت فئة قليلة فقط تستخدم محركات البخار(السيارات)، حيث أنه كان هناك شريحة كبيرة من الجماهير التي لا تزال تستخدم الخيول لإنجاز الأمور. وعندها أراد "وات" أن يجد طريقة لجعل هؤلاء الناس يفهمون مدي الاستفادة من إختراعه وقام بذلك عن طريق الأرقام والإنتاجية لكلا منهما، من أجل الشرح لهم عن مدي الإنتاجية والتوفير التي تقدمها لهم سيارته وأنها ستوفر لهم أكثر من إستخدامهم للخيول بعد أن إعتادوا على كسب رزقهم علي الخيول. من أجل تحقيق ذلك، قام بالمقارنة بين كفاءة كيانين مختلفين تماما، فقام بالمقارنة بين محرك السياره والخيول، وذلك باستخدام وحدة واحدة.
لتحقيق هذه المقارنة، عزم "وات" على حساب الإنتاجية للحصان من خلال تحديد مدى قوة الحصان العادي التي يمكن أدائها في فترة معينة من الزمن. ومن هنا قام "وات" بتحارب مختلفة، ولكن في النهاية، أشار إلى أن الحصان يستطيع العمل ورفع ما يقرب من 33،000 رطلا في دقيقة واحدة إلي مسافة 1000 قدم، والحفاظ على نفس المعدل طوال اليوم ( علي الرغم من أن الأحصنة لا تقدر علي العمل بدون راحة ولكن قام "وات" بتجاهل ذلك). ومن هنا، ولدت وحدة جديدة - تدعي حصانا. وفقا لملاحظات وات، كان الحساب على النحو التالي:1 حصان = 33،000 رطلا في الدقيقة الواحدة.
وعندها أدرك أصحاب الأحصنه أن كل محرك بخاري (وات) يمكن أن يقوم بأداء 5 مرات (أو أكثر) من أداء الحصان. وبعبارة أخرى، كان كل محرك سيارة واحد يعادل على الأقل 5 أحصنه!
حققت هذه المقارنة ثمارها وأصبح محرك "وات" واحد من الأدوات الأكثر قيمة في الثورة الصناعية. وحتى يومنا هذا، مازلنا نستخدم مصطلح "حصان" كوحدة لقياس القوة في التوربينات، محركات المكبس والأجهزة الأخرى."جيمس وات"، كما يعلم العالم كله اليوم، كان عبقريا حقيقيا. انه ليس فقط قام بإبتكار المحرك البخاري الذي كان كفاءته أكثر بكثير من أي محرك أخر كان موجود في ذلك الوقت، ولكن أيضا إستخدم وسيلة لافته لتسويق إختراعة إلى الجماهير. في هذه العملية، أعطى عن غير قصد وحدة جديدة من القوة التي لا تزال تستخدم عادة لهذا اليوم! وحدة الحصان.
تعليقات
إرسال تعليق